TAMRIJ ANTARA FI'IL
. . . . . . . . . . . . . . فِعلٌ مُضارِعٌ يَلِيْ لَـمْ كَـيَشَمْ
وماضِيَ الأفعالِ بالتَّا مِزْ وسِمْ بِالنُّوْنِ فِعْلَ الأمرِ إِنْ أمرٌ فُهِمْ
والأمرُ إِنْ لَمْ يَكُ لِلنُّوْنِ مَحَلّ فِيْهِ هُوَ اسْمٌ نَحْوُ صَهْ وحَيَّهَلْ
الشرح:
*التعريف بأنواع الفعل*
ينقسم الفعل إلى ثلاثة أنواع:
1- الماضي: وهو ما دل على حدوث شيء قبل زمن التكلم، نحو (ضربَ وأكلَ واستخرجَ).
2- المضارع: وهو ما دل على حدوث شيء في زمن التكلم أو قبله، نحو (يضربُ وتأكلُ و نستخرجُ).
ولا بد أن يكون الفعل المضارع مبدوءاً بحرف من حروف (نأتي) التي تسمى حروف المضارعة، نحو (أقوم و نقوم و تقوم و يقوم)، ويجب فتح هذه الحروف إن كان الماضي غير رباعي نحو (يَضرب) -بفتح الياء- لأن الماضي منه (ضرب) وهو ثلاثي، وإن كان الماضي رباعياً فيجب ضم هذه الحروف نحو (يُدحرج) لأن الماضي منه (دحرج) وهو رباعي .
ملاحظة: القاعدة السابقة تقول: إن الفعل إذا كان مضارعاً فلا بد أن يبتدئ بحرف من حروف المضارعة (نأتي)، فلا يلزم من ذلك أن كل فعل ابتدأ بأحد هذه الحروف يكون فعلاً مضارعاً، فـ(أجاب) مثلاً ابتدأ بالهمزة، ولكنه فعل ماضٍ. فافهم هذا.
وسمي الفعل المضارع كذلك لأنه ضارعَ -أي شابه- الأسماء:
- تقول (إن زيداً ليضرب) فيوافق ذلك قولك (إن زيداً لضارب)، فكلا الجملتين متوافقتان في المعنى.
- أن الفعل المضارع تتصل به اللام كما تتصل بالاسم –كما في المثال السابق-، ولا تتصل هذه اللام بغيره من الأفعال.
- أن الفعل المضارع يصلح للدلالة على الحال والاستقبال ولا دليل في لفظه على أي الزمانين تريد، فعندما تقول (زيد يأكل)، لا يُعلم هل يأكل زيد الآن أو أنه سيأكل في المستقبل.
وكذلك الحال بالنسبة للأسماء، فعندما تقول (رجلٌ فعل كذا) فإنه لا يعلم أي الرجال تريد؛ لأن كلمة (رجل) نكرة.
ولكن إذا قلت في المثال الأول (زيد سيأكل) – بإضافة السين للفعل- دلّ ذلك على أنك تريد أن زيداً سيأكل في المستقبل.
وإذا قلت في المثال الثاني (الرجل فعل كذا) – بإضافة (ال) إلى (الرجل)- دلّ ذلك على أنك تريد رجلاً واحداً بِعَينِهِ لأنه صار معرفة.
فهذا إذاً وجه آخر من وجوه شبه الفعل المضارع بالاسم.
ولذلك نجد أن الفعل المضارع معربٌ دون غيره من الأفعال.
3- الأمر: وهو ما يُطلب به حصول شيء بعد زمن التكلم، نحو (اضرب و اجتهد).
فائدة:
قال الحافظ السيوطي في كتابه (الأشباه والنظائر في النحو) : (قال الزجاجي في كتاب (إيضاح علل النحو): اعلم أن أسبق الأفعال في التقدم الفعل المستقبل؛ لأن الشيء لم يكن ثم كان، والعدم سابق، ثم يصير في الحال، ثم يصير ماضياً فيُخبَرُ عنه بالماضي. فأسبق الأفعال في الرتبة المستقبل، ثم فعل الحال، ثم الفعل الماضي.
فإن قيل: هلاّ كان لفعل الحال لفظٌ ينفرد به عن المستقبل، لا يشركه فيه غيره ليعرف بلفظه أنه للحال كما كان للماضي لفظٌ يُعرف به أنه ماضٍ ؟
فالجواب: قالوا: لما ضارع الفعل المستقبل الأسماء - بوقوعه موقعها وبسائر الوجوه المضارعة المشهورة – قَوِيَ فاُعرب، وجُعِلَ بلفظ واحد يقع بمعنيين حملاً له على شبه الأسماء، كما أن من الأسماء ما يقع بلفظ لمعانٍ كثيرة كـ(العين) ونحوها، كذلك جُعِل الفعل المستقبل بلفظ واحد يقع لمعنيين ليكون ملحقاً بالأسماء حين ضارعها، والماضي لم يضارع الأسماء فيكون له قوتُها، فبقي على حاله. اهـ. (لا تتردد في السؤال عن أي شيء يصعب عليك فهمه).
فائدة أخرى:
قال الحافظ السيوطي في الأشباه : (قال أبو البقاء العُكْبُرِيّ في (اللباب): أقسام الأفعال ثلاثة: ماضٍ، وحاضر، ومستقبل، واختلفوا في أيّ أقسام الفعل أصل لغيره منها.
فقال الأكثرون: هو فعل الحال؛ لأن الأصل في الفعل أن يكون خبراً، والأصل في الخبر أن يكون صدقاً، وفعل الحال يمكن الإشارة إليه، فيتحقق وجوده، فيصدق الخبر عنه، ولأن فعل الحال مشار إليه، فله حظُّهُ من الوجود، والماضي والمستقبل معدومان.
وقال قوم: الأصل هو المستقبل؛ لأنه يخبر به عن المعدوم، ثم يخرج الفعل إلى الوجود، فيخبر عنه بعد وجوده.
وقال آخرون: هو الماضي؛ لأنه لا زيادة فيه، ولأنه كَمُلَ وجودُه ، فاستحق أن يسمى أصلاً). اهـ.
ولكل نوع من أنواع الفعل علامات تميزه عن غيره من الأفعال، وهذا ما سنبيّنه في شرح الأبيات -إن شاء الله- :
(فِعلٌ مُضارِعٌ يَلِيْ لَـمْ كَـيَشَمْ)
يعني أن علامة الفعل المضارع دخول (لَمْ) عليه، مثال ذلك (لَمْ يَشَمَّ زيدٌ العطرَ)، - والأفصح في (يشَم) فتح الشين لا ضمها، والماضي منه (شَمِمْتُ)، والأفصح فيه كسر الميم لا فتحها-.
أما (لَمْ) فهي حرف نفي وجزم وقلب:
لأنها تنفي المضارع، وتجزمه، وتقلب زمنه من الحال أو الاستقبال إلى الماضي، فقولك (لَمْ يضربْ) مكافئٌ لقولك (ما ضربَ).
(وماضِيَ الأفعالِ بالتَّا مِزْ)
قوله (مِزْ): فعلُ أمرٍ مِنْ (مازَ يَمِيْزُ).
والمقصود أن الفعل الماضي يتميز عن المضارع والأمر بالتاء، وهي تاء الفاعل وتاء التأنيث الساكنة، نحو (ضربْتُ زيداً) و (قالتْ هندُ).
(وسِمْ بِالنُّوْنِ فِعْلَ الأمرِ إِنْ أمرٌ فُهِمْ )
قوله (سِمْ): فعلُ أمرٍ من (وَسَمَ الشيءَ يَسِمُهُ وسْماً)، أي جعل له علامة يعرف بها.
والمقصود من هذا البيت أن لفعل الأمر علامتين، لا بدّ من وجودهما معاً فيه ليتميز عن غيره من الأفعال، وهما:
1- نون التوكيد (الخفيفة أو الثقيلة).
2- أن يدل على الأمر بصيغته. (لذلك قال :إن أمر فُهِم).
ونؤكد أنه لا بد من وجود هاتين العلامتين معاً في الكلمة ليُحكمَ بأنها فعل أمر.
فإن الكلمة إذا قبلت نوني التوكيد ولم تدلّ على الأمر فهي فعل مضارع، نحو (لأضربَنَّك).
وإذا دلت على الأمر ولم تقبل نوني التوكيد فهي اسم فعل أمر كما سيأتي بيانه في البيت التالي:
(والأمرُ إِنْ لَمْ يَكُ لِلنُّوْنِ مَحَلّ فِيْهِ هُوَ اسْمٌ نَحْوُ صَهْ وحَيَّهَلْ )
يعني أن الكلمة إذا دلت على الأمر ولم يكن للنون (نون التوكيد) محل فيها –أي لم تقبل دخول نوني التوكيد- فهي اسم فعلِ أمرٍ، نحو (صَهْ و حَيَّهَلَ).
وهذه القاعدة في ضمن قاعدة أعم منها وهي:-
أن الكلمة إذا دلّت على معنى الفعل ولم تقبل علامته فهي اسم فعل.
فإذا دلّت الكلمة على معنى فعل الأمر ولم تقبل علامته (وهي نون التوكيد)، فهي اسم فعل أمر، نحو (صه: بمعنى اسكتْ) و (حيَّهلَ: بمعنى أقبلْ).
وإذا دلّت الكلمة على معنى الفعل الماضي ولم تقبل علامته (وهي التاء)، فهي اسم فعل ماضٍ، نحو (هيهات: بمعنى بَعُدَ) و (شتّانَ: بمعنى افترقَ).
وإذا دلّت الكلمة على معنى الفعل المضارع ولم تقبل علامته (وهي (لَمْ))، فهي اسم فعل مضارع، نحو (أُفّ: بمعنى أتضجّرُ) و (آهِ: بمعنى أتوجَّعُ).
ملاحظات:
- ثمّة علامات أخرى لكل نوع من أنواع الفعل تميزه عن غيره غير ما ذكره المصنّف، و لما كان ما ذكر من علامات مؤدياً للمطلوب حصل الاكتفاء بها، والله أعلم.
- لم أفصّل كثيراً في مسألة (اسم الفعل) لأن المصنف أفرد لها باباً خاصاً بها في ألفيته.
وانظر لمزيد من التفصيل ما كتبه محمد محي الدين عبد الحميد في تعليقه على شرح ابن عقيل، فقد ذكر فوائد مهمة تتعلق باسم الفعل.